محطاتٌ فلسطينية

قياسي

فلسطين هي أرضُ كنعان، منذُ القرنِ الرابعِ قبلَ الميلاد.

بعد أربعين عاماً، من بناءِ البيت العتيق في مكة المكرمة، بُني المسجد الأقصى في القدس الشريف.

تعرضت فلسطين بما فيها القدس والأقصى، للحرق والتدمير من الغزاة منذ أقدم العصور، إلا من المسلمين، فتحوها سلماً ورحمة.

لم يستقر لليهود قرار في فلسطين والقدس عبر تاريخها.

أسري بالنبي عليه الصلاة والسلام إلى المسجد الأقصى وعرج به إلى السماء بعد بعثته.

يستلم الخليفة عمر من الخطاب مفاتيح القدس في رجب عام 17 هـ، ويمنح النصارى “العهدة العمرية”.

معاويةُ يأخذ البيعة في الخلافة بالقدس، والقدسُ مركزُ اهتمام الأمويين، وأبناء عبد الملك يعمرون الأقصى المبارك.

صلاحُ الدين الأيوبي يحرر القدس والمسجد الأقصى من الصليبيين 583 هـ.

الخلافة الإسلامية العثمانية ترعى فلسطين والقدس والأقصى أربعمائة عام. وسلطانها الأخير يرفضُ بإصرار المشروع الصهيوني.

بعد تفكك الخلافة العثمانية، تقع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، ووعد بلفور 1917.

تسمر الثورات في فلسطين: ثورة البراق، ثورة القسام، ثورة 1936 الكبرى.

بريطانيا تنهي انتدابها على فلسطين عام 1948، معلنةً قيام الكيان الصهيوني.

الخامس عشر من أيار، تطهيرٌ عنصريٌ يهودي، مجازرُ وفظائع. نسيَ بعضُهم إطفاءَ الموقدِ تحتَ القدر. حملت أمٌّ وسادةً بدلَ رضيع. ودَّع غيرُهم زيتونَه وليمونَه على عُجالة، على أن يعودَ بعد أيامٍ عشرة، هكذا وعدَ الحاكمون.

الصهاينةُ يحتلون الأقصى الشريف عام 1967.

الانتفاضةُ الفلسطينيةُ الباسلة تنطلق عام 1989، وانتفاضةُ الأقصى عام 2000.

تاريخٌ آتٍ لا ريب فيه، وعدُ الله الحق، وبشرى نبيهِ عليه الصلاة والسلام: “لا تزالُ عصابةٌ من أمتي، يقاتلون على أبوابِ دمشق وما حوله، وعلى أبوابِ بيتِ المقدس وما حوله، لا يضرُّهم من خذلهم، ظاهرين على الحق، إلى أن تقومَ الساعة”

supply, day, & life” chain management”

قياسي

Two years ago, I read about the supply chain management; its definitions, levels, importance, etc. So, I came up with the following:

((If I want to summarize and simplify the whole thing:  

The supply chain” is a group of steps a company takes to transform a raw material into a product (or service). And “the supply chain management” is a process used by companies to ensure that their supply chain is efficient. The APICS defines it as: “The design, planning, execution, control, and monitoring of supply chain activities…” It has five stages: plan, develop, make, deliver, and return.The supply chain management activities can be also Categorized into: strategic (relationships with suppliers and customers), tactical (decisions about production and delivery), and operational (daily management of supply chain.)

I know it’s more complicated than that, but this is just a brief.

Now, after reading about it, I had an idea. What if we apply the supply chain management on everything in our lives? I mean whenever we have a project or anything we want to do, we can use the stages of the supply chain management. I don’t mean that we will always have to produce something at the end (the product can be happiness or success…). I’m talking here about the management itself; making sure that all the stages and aspects of ‘doing anything’ are going well. We can also apply it on everyday life, planning for ‘a day’ and getting a good result at the end of it. This is ”day chain management”.

Then I had a bigger idea. What if we apply it on our life itself? I mean “life chain management”. In this case, we are the raw material. And we will have to manage all the stages, activities and everything in our life efficiently to live a happy life –in which we fulfill all our duties- and to be finally and hopefully delivered to heaven. But the important question is “How to?” this can be good in raising kids. The baby here is the raw material. And the process of raising him/her should be managed carefully. Thus, the kind of human being the baby becomes, decides what kind of delivery we have.))

Crazy but interesting, huh?

I really wish things can be that easy, and that we get the results we deserve to what we planed and worked hard to.

في الوِجدان.. يا عُمران..

قياسي

PhotoGrid_1363546497096

ما أنْ وقعتْ عيناهُ عليها للمرةِ الأولى، حتَّى علِمَ أنَّها من يُريد. رأى فيها حبيبةَ عمرِه، وشريكةَ حياتِه، وأمَّ أطفالِه. وفي الساعةِ الأولى للقائِهما، عرضَ عليها الزواج.

لم يكد يستيقظُ الكاتبُ الشرعي من ذهولِهِ عندَ تدوينِهِ مقدار مَهرِها الرمزي في عَقدِ الزواج، حتى دخلَ في ذهولٍ آخر عندما قيلَ له: “نحنُ نشتري الرجال”. ذلكَ أنَّ الرجولةَ باتت نادرةً هذهِ الأيام. وكذلكَ كان؛ زوجاً صالحاً، وأباً عطوفاً، ورجلاً حقاً.

كانَ قد عاش في أوروبا ودرسَ فيها. ونبذَ نساءها. أرادها عربية، أصيلةً أصالة النبضِ العربي في دمِه. ما امتلأت الدارُ سروراً وحبوراً بقدومِ البِشرِ والجُودِ مثلما امتلأَت عندما أنجبا زهرتهُما الأولى التي انتشرَ عبيرُها في كُلِّ زواياها. ثم جاءَ سيدُ الأبطال، واكتملتِ الحكاية، تماماً كالقصصِ الخرافية.

عَرَفتْهُ المروءةُ والنخوةُ ولازمهُ الكرم. وعلى قدرِ كَرَمِه، كانَ مرزوقاً. كانت تقول: “إنه يعطيني كُلَّ شهرٍ مهراً!”. وكلما نجحَ طفلاهُما، كانَ يهنئها ويشكرها أولاً. فلولاها لما نجحا ولا تفوقا ولا نمت فيهما وتألَّقت مواهبُ رفيعة. وكم كانَ يليقُ بهما أن يغدِقَ الدلالَ عليهما! كانَ يقولُ مازحاً: “أعانها الله، إنَّها تربي ثلاثةَ وحوش!” إذ يعُدُّ نفسَهُ أحدَهُم. وكلما زارتنا لا يهدأُ هاتِفُها الجوال. يحبُّ أن يستشيرَها بِكُلِّ صغيرةٍ وكبيرة، وكثيراً ما قدمتْ لهُ مشورةً دفعتهُ مِن نجاجٍ إلى نجاح. كانا نموذجاً للمحبَّةِ والشراكةِ والأسرةِ الناجحةِ السعيدة. ستةَ عشرَ عاماً مرَّت كالخيال.

 كيف يمكنُ لرجُلٍ غزا الورمُ السرطاني، بدرجتهِ القصوى، دماغَهُ أن يُطلقَ النِّكات! إنَّها الروحُ إذن. وعلى فراشِ الموت، نظرَ إلى وجوهِ عائلتِهِ وقال: “وين بتحبوا تروحوا هالصيفية؟!”

عُمران، كانَ اسماً على مسمى. وإنْ رَحَل، فقد تركَ منشآتٍ ستحمِلُ بصماتِهِ ما بقيت. وأودعَ قلباً محباً لا يفتأُ يذكُرُ فضلَهُ ويدعو له، وشمعتين تحملانِ ملامحَهُ، وذكراهُ الطيبة، وطموحاً خيِّراً فذَّاً. وأحمدُ الله أن جعلني أكثرَ الخالاتِ في الدنيا فخراً واعترازاً بهما.

عمران.. رحمكَ الله بما آمنت، وبما أعطيت، وبما عملت.

رحمكَ الرحمنُ بواسعِ رحمتِه، وأسكنكَ فسيحَ جنانه.

الصهيونية جريمة ضد الإنسانية

قياسي

الصهيونية حركةٌ عنصرية، تهدفُ إلى سيطرة اليهود على العالم، بدءاً من إقامة كيانٍ لهم على أرض فلسطين، ثمَّ من النيل إلى الفرات. والصهيونية تعتبرُ اليهودَ عنصراً ممتازاً، ولهم ذهبُ العالم، وكلُّ الشعوب خدمٌ لهم. يتمُّ ذلك عن طريقِ العنف، والإرهابِ والدماء. السياسةُ عندهم نقيضُ الأخلاق، وعليهم إغراقُ الأمم بالرذائل. ولهم تعيينُ زعماءُ العالم وحكامهم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي.

صاغت الصهيونية فكرَها في بروتوكولاتِ حكماءِ صهيون، وهي أسوأُ وأخطرُ ما مرَّ في تاريخِ البشر على الإطلاق.

على الرغم من أهميةِ قرارِ الجمعيةِ العامة للأممِ المتحدة بتاريخ 10/11/1975، والذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية، إلا أنَّ الكيانَ الصهيوني استمرَّ في محاولاته حتى أُلغي القرار بتاريخ 16/12/1991، مع أنَّ الأسبابَ الداعية ما تزالُ موجودةً وقائمةً حتى الآن.

في أثناء اجتماعٍ للأمم المتحدة حولَ الحضارات في فينا بتاريخ 27/2/2013، وصفَ رئيسُ الوزراء التركي رجب طيب أردغان الصهيونية بأنها جريمةٌ ضدَّ الإنسانية.

وكانت ردود الفعل:

– بان كيمون، الأمين العام للأمم المتحدة: تصريحاتُ أردوغان جارحة ومثيرة للشقاق.

– الإرهابي الصهيوني بنيامين نتنياهو: تصريحات أردوغان مظلمة وزائفة.

– وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ندَّدَ بالخطاب واعتبرُه مرفوضاً.

– اسماعيل هنية رئيسُ الوزراء في غزة: أشادَ بكلام أردوغان، واعتبرهُ منسجماً مع مواقفهِ الثابتة من القضية الفلسطينية، وتعكسُ الالتزام التركي تجاهَ فلسطين. وأدانَ الحملة الأمريكية الإسرائيلية ضد أردوغان.

على أعتابِ الثلاثين…

قياسي

منذُ سنين، قررتُ ألا أمارسَ الكتابة إلا بعدَ بلوغي سِنَّ الثلاثين. فحينها ستكونُ كتابتي أنضج وأوسعَ معرفة. كنتُ قد مارستُ الكتابة فعلاً في صغري، وذلكَ عندما كنتُ أقدِّمُ برنامجَ “أحباب فلسطين” الإذاعي، وأكتبهُ في سنواتِهِ الأخيرة. حررتُ الأخبار، وصغتُ الحوارات، وألَّفتُ الفقرات وأنا دونَ السادسةَ عشرة. وفي الجامعة، وبحكمِ دراستي للأدبِ الإنكليزي، جنحتُ للكتابة بالإنكليزية مقالاتٍ وشعراً. وبقيتُ أقلِّبَ التفكيرَ في الكتابة، حرفةً ومَلَكة، إلى أن استكتبتني دارُ الفكر في دمشق، لإعدادِ سلسلةِ قصصٍ للأطفال عن فلسطين. وهنا ملعبي وقضيتي! رحتُ أتجوَّلُ في فلسطين، مدينةً مدينة. أقصُّ المغامرات وأحوِّلُ المعلوماتِ إلى حواراتٍ على ألسنةِ النمل. أعددتُ الإخراجَ والصورَ وتواصلتُ مع الرَّسام، فخرجت القصصُ الستة بأفضلِ حال. لم أكن حينَها قد أنشأتُ بعدُ المدوناتِ والحسابات على الانترنت لأمارسَ الكتابةَ عبرها. كانت تجربةً ممتعة، أعدتُ فيها النظرَ بمسألة الثلاثين!

  • كانَ القائدُ القسامي المهندس يحيى عياش دونَ الثلاثين عندما استشهد. وقد أنجزَ في سنواتِ عمرِهِ القليلة، ما يعجزُ عنهُ معمرونَ كُثُر. أنشأَ مدرسةَ الاستشهاديين، ودرَّبَ جيلاً من خبراءِ المتفجرات، وأقضَّ مضجعَ العدو وأحيا أمة.
  • كان كرستوفر مارلو في الثامنة والعشرين عندما قُتل. المسرحيُّ الإنكليزي الذي لو عاش لما عَرَف العالمُ صديقَهُ شكسبير، ولما اهتمَّ بهِ أمامَ إبداعِ مارلو الذي خلفتْ سنواتُ شبابهِ مسرحياتٍ عظيمة تفخرُ بها إنكلترا تاريخاً وأدباً.

والأمثلةُ لا تنتهي.

إذن، لا ينبغي للمرءِ أن يؤجِّلَ الخوضَ بأيِّ مجال، متى ما وجدَ في نفسِهِ الموهبةَ والقدرة. إلا أنَّ سنيَّ العمر وما تزرعهُ فينا من خبرة، تصقلُ المواهب وتزيدُها نضجاً.

عند الثلاثين، تتدافعُ ذكرياتُ سنواتٍ فتية، ترسمُ لوحةً متكاملةً خلابة. فلا تكادُ تقدمُ على أمر، إلا استرقتْ عيناكَ النظر إليها أولاً. وتتوازنُ كفتا الماضي والمستقبل، فتحتاجُ للتوقفِ برهةً، تقيِّمُ ما كان، وتقررُ ما سيكون. لا يشعرُ ابنُ العشرين بهذا العِقدِ الأخيرِ الذي مرَّ وكأنَّهُ دهر. عشرٌ حواسم تحصلُ بها على شهادةٍ جامعية، وتشرَعُ في امتلاكِ زمامِ مهنة، وقد تضعُ اللبِنَة الأولى لبناءِ عائلة، وربما تسلكُ طريقاً ثم تعدلُ عنه إلى غيره. عندها يحينُ موعدُ القراراتِ المصيرية، فكيف وقد أمسيتَ وحياتُكَ وبلدُكَ والدُّنيا كُلُّها على مفترقِ طُرُق؟!

لا يدركُ المرءُ لِمَ جعلَ سبحانه وتعالى سِنَّ الثلاثين، أو يزيد، عمراً خالداً لأهلِ الجنة، إلا عندما يبلُغه. إنَّه العمر الذي يصبح معه الإنسانُ أكثرَ جمالاً، ونضجاً، وتألقاً، وما هي إلا عشرٌ واعدتٌ أُخريات حتَّى يصلَ القمة.

صراعُ الأدمغة: (1) يَحيَى عيَّاش.. مهندسُ العملياتِ الاستشهادية

قياسي

يحيى عياش

أخشى أن يكونَ عياش جالساً بيننا!” هكذا عبَّرَ اسحق رابين، في اجتماعهِ مع أعضاءِ الكنيست، عن هلعِهِ وعجزِه أمامَ عبقريَّةٍ فذَّة تمثَّلتْ في الشهيدِ البطل “يحيى عياش“، مؤسِّسِ العملياتِ الإستشهادية في فلسطين، وخبيرِ المتفجرات في كتائبِ الشهيد عزِّ الدين القسام، الجناحِ العسكري لحركةِ المقاومةِ الإسلامية حماس.

مَنْ عياش؟

يَحيى عبد اللطيف عياش (1966-1996) من رافات قضاءَ نابلس. حفظَ القرآن، نشأَ في المساجد، نبغَ  في الكيمياء، برعَ بالإلكترونيات، وحصلَ على الإجازة في الهندسة الكهربائية من جامعةِ بيرزيت عام 1989م. تزوَّج من ابنةِ خالتِه هيام عياش، ورزقهُ الله بولدين “البراء” و “يحيى” الذي سبقتْ ولادتُه استشهادَ أبيهِ بأيام.

وبدأتِ العملياتُ الاستشهادية

مع انطلاقةِ الانتفاضةِ الأولى المباركة عام 1987، عرضَ عياش برسالةٍ على حركةِ حماس أسلوبَ العملياتِ الإستشهادية لمقاتلةِ الصهاينة، والتي لم تكن معروفةً من قبلُ في فلسطين. فجاءتِ الموافقة، وبدأَ عياش إعدادَ السياراتِ المفخخة، والعبواتِ المتفجرة التي عُرفت باسم “حقيبة المهندس”.

وبعدَ مجرزةِ المسجدِ الإبراهيمي في 25-2-1994، التي قُتل فيها ثلاثون من المصلين في فجرِ جمعةِ رمضان، تولَّى أبو البراء عملياتِ الثأرِ لدماءِ الشهداء. فبرعَ في تصميمِ المتفجرات، وإرسالِها إلى عمقِ الكيانِ الصهيوني، في عملياتٍ نوعية حطَّمَتْ أمنَ الصهاينة، ووقفتْ أجهزةُ استخباراتِهِم عاجزةً أمامَها. نفَّذَ الاستشهاديونَ الأبطال إحدى عشرةَ عمليةً نوعية، بين إبريل 1994 ونوفمبر 1995، أسفرت عن مقتلِ 76 صهيونياً وجرح 400، تحملُ جميعَهَا بصماتِ المهندس الذي كان يُشرفُ على كُلِّ واحدةٍ منها من البداية إلى النهاية. وأصبحَ اسمُ يحيى عيَّاش يتكررُ في وسائلِ الإعلامِ الصهيونية مَع كُلِّ عمليةٍ استشهادية، وتصدَّرت صورَتُهُ نشراتِ الأخبار على كامِلِ الشاشة، وصارَ هاجسَ الصهاينة ومرعِبَهُم الأول.

عمليات عياش

تميَّزَ المهندس بقدرتِهِ على حَلِّ الشيفراتِ الإلكترونية للجُدُرِ التي تحيطُ بالمواقعِ العسكرية والمستوطناتِ الصهيونية. ولعلَّ تفوقَ عياش في صراعِ الأدمغة يبلغُ أوجَه في المصيدةِ التي أعدَّها لأفضلِ خبيرِ متفجراتٍ صهيوني في 5-6-1993. حيث قامَ المجاهدون بتفجيرِ عبوتين ناسفتين في دوريةٍ صهيونية فجُرح جنديان. ثم
أوصلوا خبراً للصهاينة أنَّ عبوةً ثالثةً مِن صُنعِ المهندس في مستوطنة “شيكيف” في الخليل لم تنفجرْ بعد. استدعى الصهاينة خبيرَ المتفجرات الميجر “يوسي حيون” ليعالجَ هذهِ العبوة الملتصقة بسيارة، والتي تتألفُ من عبوتَين مندمجتين. استطاعَ الميجر أن يُبطلَ مفعولَ الأولى منهُما، لكنَّهُ لم يكَدْ يُدرِك أنَّهُ بهذا قد سحبَ فتيلَ العبوةِ الأخرى حتى انفجرت به، وقُتل مِن فوره.

“أين المهندس؟!”

لم تبرُز عبقريةُ عياش في براعةِ تصميمِ المتفجراتِ فحسب، بل أيضاً في قدرتِهِ على التخفِّي والتنقلِ بينَ المدنِ والقرى، وبينَ الضفةِ الغربية وقطاعِ غزة. حتى أطلقتْ عليهِ وسائلُ الإعلام الصهيونية ألقاب: “العبقري”، “الثعلب”، و “الرجل ذو الألف وجه”. أما “المهندس” فهو اللقبُ الذي أطلقهُ عليهِ اسحق رابين، الذي ما فتِئَ يكررُ سؤالاً واحداً كلما اجتمعَ بقادةِ أجهزةِ الأمنِ الصهيونية: “أين المهندس؟!!”

بقيَ عياش المطلوب رقم واحد للأجهزةِ الأمنية الصهيونية طوال خمس سنوات سخَّرَ فيها الصهاينةُ كُلَّ إمكانياتِهِم للبحثِ عنهُ من الوحداتِ الخاصة وغيرها؛ كَمَنوا لهُ ليلاً ونهاراً، في المدنِ والقرى والمخيمات والمغر. وأعدوا دراساتٍ عن شخصيتِهِ وأسلوبِ حياتِه، وراقبوا أصدقاءَه، واعتقلوا المئاتِ مِن حماس. نجَّا الله تعالى عياش من عدةِ محاولاتِ اغتيالٍ منها ما كانَ في حيِّ القصبة في نابلس، وحيِّ الشيخ رضوان في غزة، حيثُ استشهدَ رفيقُه “كمال كحيل”.

موعدٌ مع الشهادة

اشتاقَ عياشُ إلى ربِّه، واستشهدَ في صباحِ الجمعة 14-شعبان-1416ه، الموافق 5-1-1996م. علِمَ جهازُ الشاباك بنزولِ عياش عندَ صديقِهِ “أسامة حامد” في غزة، وكانَ خال أسامة يدعى “كمال حماد” عميلاً متخفياً للشاباك. فأعطى أسامةَ جهازَ جوال ليستخدمهُ عياش، وقبلهُ المهندس بعد أن تأكد من سلامته. لكنَّ الخالَ الخائِن استطاعَ خداعَ ابنِ أختُه، واستعارَ الجوالَ ليومين ليزرعَ الصهاينةُ بهِ متفجراتٍ بوزنِ 50 غرام، ثم أعادَه. وعندما أجابَ عياش على اتصالِ أبيه- بناءً على طلبِ الخال العميل وبعدَ قطعِ الصهاينةِ للخطِّ الأرضي- انفجرَ الجوالُ  المفخَّخ، عَن طريقِ طائرةٍ كانتْ تُحلِّقُ في الوقتِ نفسه. وارتقى عياشُ شهيداً. شيَّعَهُ 400 ألف فلسطيني في جنازةٍ عظيمة هي الأكبرُ في تاريخِ فلسطين. خرجتْ من مسجدِ فلسطين واستمرت خمس ساعات، وبلغ طولها 12 كم.

تشييع عياش

خليفةُ المهندس

رحلَ عياش بعدَ أن ترَكَ جيلاً من خبراءِ العبواتِ المتفجرِّة والسياراتِ المفخخة، الذين درَّبَهُم في مدارسَ أقامَهَا في الكهوفِ والمغارات. وتتابعَ على خلافةِ عياش: المهندس الشهيد محيي الدين الشريف، المهندس الأسير عبد الله البرغوثي، و المجاهد عبد الله حامد.

أهمُّ عملياتِ المهندس

6-4-1994: الشهيد “رائد زكارنة” يقودُ الردَّ الأول على مجزرةِ المسجد الإبراهيمي، ويفجِّرُ سيارةً مفخّخة قربَ حافلةٍ صهيونية في مدينةِ العفولة. مما أدّى إلى مقتلِ ثمانيةِ صهاينة ، وجرحِ ثلاثين.

13-4-1994: الشهيد “عمار عمارنة ” يفجِّرُ نفسَه داخلَ حافلةٍ صهيونية في مدينةِ الخضيرة، مما أدَّى إلى مقتلِ 7 صهاينة، و جرحِ العشرات.

19-10-1994: الشهيد “صالح نزال” يفجِّرُ نفسَه داخلَ حافلةِ ركابٍ صهيونية في شارع “ديزنغوف” في “تل أبيب”. مما أدّى إلى مقتلِ 22 صهيونياً، وجرحِ أربعينَ آخرين.

15-12-1994: الشهيد “أسامة راضي”، وهو شرطيٌّ فلسطيني و عضوٌ سري في القسام، يفجِّرُ نفسَهُ قربَ حافلةٍ تقلُّ جنوداً في سلاحِ الجو الصهيوني في القدس، و يجرحُ 13 جندياً.

 22-1-1995: مجاهدان قساميان يفجران نفسيهما في محطةٍ للعسكريين الصهاينة في منطقةِ بيت ليد قرب نتانيا،. مما أدّى إلى مقتل 23 جندياً صهيونياً، و جرحِ أربعين آخرين، في هجومٍ وُصف أنه الأقوى من نوعه.

9-4-1995: حركتا حماس و الجهاد الإسلامي تنفّذان هجومين استشهاديين ضدَّ مستوطنين صهاينة في قطاعِ غزة، مما أدّى إلى مقتلِ سبعةِ مستوطنين رداً على جريمةِ الاستخباراتِ الصهيونية في تفجيرِ منزلٍ في حيِّ الشيخ رضوان في غزة، أدّى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين، بينهم الشهيد “كمال كحيل” صديق يحيى عياش وأحد قادة القسام، و مساعد له.

24-7-1995: مجاهدٌ قسامي يفجِّرُ نفسَه داخلَ حافلةِ ركابٍ صهيونية في “رامات غان” بالقرب من “تل أبيب” ؛ مما أدّى إلى مصرع ستة صهاينة و جرح 33.

21-8-1995: هجومٌ استشهاديّ استهدف حافلةً صهيونية للركاب في حيّ “رامات أشكول” في القدس، مما أسفرَ عن مقتلِ خمسة صهاينة، و إصابة أكثر من 100 بجروح.

يقولُ يَحيى

  • إنَّ الحربَ ضِدَّ إسرائيل يجبُ أن تستمرَّ إلى أن يخرجَ اليهودُ مِن كُلِّ أرضِ فلسطين.
  • على الكريمِ أن يختارَ الميتةَ التي يجبُ أن يلقى الله بها، فنهايةُ الإنسانِ لابُدَّ أن تأتي ما دامَ أمرُ الله قد نفَذ.
  • بإمكانِ اليهود اقتلاعُ جسدي من فلسطين، غير أنني أريدُ أن أزرعَ في الشعبِ شيئاً لا يستطيعون اقتلاعه.
  • لا تنزعجوا فلستُ وحدي مهندسَ التفجيرات، فهناكَ عددٌ كبير قد أصبحَ كذلك، وسيقضُّونَ مضاجِعَ اليهودِ وأعوانِهُم بإذن الله.

عملياتُ الثأرِ لعياش

بعد خمسين يوماً من استشهاد المهندس، بدأت سلسلةُ هجماتٍ استشهادية في القدس والمجدل، وبعد أسبوع في القدس و”تل أبيب”. ليسقط حوالي ستين قتيلاً صهيونياً وعشرات الجرحى، و بادرت على إثرها قوات الاحتلال الصهيوني إلى هدم منزل المهندس وتشريدِ أهلهِ من بيتِهِم في رافات.

الحافلة رقم 18

 عملية الحافلة 18 الأولى: تمكَّنَ المجاهد “مجدي محمد أبو وردة” في 25/2/1996 من صعودِ الحافلة التي تعمل على خط رقم 18 المؤدّي لمقرِ القيادة العامة للشرطةِ الصهيونية وجهازِ المخابرات العامة (الشاباك). كانَ المجاهد يرتدي ملابسَ الجنودِ الصهاينة ويحملُ 15 كغ من المتفجرات الممزوجة بكمية من المسامير والقطع المعدنية الحادة. وفي السادسة و48 دقيقة فجِّر الاستشهادي المتفجرات أثناء توقف الحافلة عند إشارة المرور فتدمرت الحافلة المكوّنة من مقطورتين بالكامل، وانشطرت إلى نصفين. قُتل بالعملية 18 صهيونياً بينهم 13 جندياً وعدد من ضباط وكوادر الشاباك ، وجُرح أكثر من 50 صهيونياً.

 عمليةُ عسقلان: بعد أقل من 45 دقيقة من ملحمةِ مجدي أبو وردة، وفي السابعةِ والنصف، أوصلت مجموعات الإسناد في كتائب الشهيد عز الدين القسام البطل “إبراهيم حسن السراحنة” إلى محطةِ سفرِ الجنودِ الصهاينة عندَ مفترقِ الطرق في عسقلان. كانَ المجاهدُ القسامي يرتدي زيَّ الجنودِ الصهاينة، ويحملُ حقيبةً احتوت على خمسةَ عشر كيلو غراماً من المتفجراتِ المحشوةِ بالمسامير والكراتِ المعدنية، عندما دخلَ إلى المحطة التي كانَ يقفُ فيها أكثرُ من 35 جندياً. فجَّرَ الاستشهاديُّ نفسَه فقتلَ ثلاثةَ جنودٍ صهاينة وجرحَ ثلاثين، وُصفت جراحُ 19 منهم بالخطيرة.

عمليةُ الحافلة 18 الثانية: نفَّذها “رائد عبد الكريم الشغنوبي” في الحافلة العاملة على خط 18 للمرةِ الثانية خلالَ أسبوع! ففي يوم الأحد 3-3-1996، فجَّرَ البطلُ القسامي عبواتَهُ الناسفة داخلَ الحافلة بعدَ أن تجاوزَ إجراءاتِ الأمنِ والمراقبة الشديدة. دمَّرَ الانفجارُ الحافلة وتطايرَ حُطامُهَا في دائرةٍ قطرُهَا خمسينَ متراً، وأعلنَ المتحدثُ الرسمي باسمِ الشرطَةِ العسكرية عن مقتلِ 19 صهيونياً، و جرحِ عشرةٍ آخرين، جروحُ سبعةٍ منهم بالغة الخطورة.

 عملية ديزنغوف: و بعد أيامٍ قليلة من عمليةِ الشغنوبي و أثناءَ احتفالِ الصهاينة بأعيادهم، فجَّرَ المجاهد” رامز عبيد” عبوةً ناسفة كان يحملُهَا وسطَ ساحةِ ديزنغوف في “تل أبيب” مما أدّى إلى مقتلِ 13 صهيونياً وإصابةِ العشرات بجراح

قالوا عنه

 يقول إسحق رابين: “لا أشُكُّ أنَّ المهندس عياش يمتلكُ قدراتٍ خارقة لا يملكها غيره، وإنَّ استمرارَ وجودِهِ طليقاً يمثِّلُ خطراً واضحاً على أمنِ إسرائيلَ واستقرارِها”.

 ويضيف شمعون رومح أحد كبار العسكريين الصهاينة : “إنَّهُ لمِن دواعي الأسف، أن أجدَ نفسي مضطراً للاعتراف بإعجابي وتقديري لهذا الرجل، الذي يبرهنُ على قدراتٍ وخبراتٍ فائقة، في تنفيذِ المهامِ الموكلَةِ إليه، وعلى روحِ مبادرةٍ عالية وقدرةٍ على البقاءِ وتجديدِ النشاطِ دونَ انقطاع”.

أما موشيه شاحاك، وزير الأمن الداخلي الصهيوني آنذاك، فيقول: “لا أستطيعُ أن أصفَ عياش إلا بالمعجزة، فدولةُ إسرائيل بكافة أجهزَتِها لا تستطيعُ أن تضعَ حداً لعملياته”.

 وبعد اغتيال يحيى عياش، صرَّحَ شاحاك: “باتت إسرائيل تتنفسُ بشكلٍ أفضل بعد إعلانِ وفاته، لقد ألحقَ الأذى بالعديدِ من الإسرائيليين، كان يعيشُ على السيف وبالسيف مات”.

وعبَّرَ الجنرال يعقوب بيري رئيسُ الشاباك السابق عن خوفهِ حتى بعدَ استشهاد عياش: “إنني أحذِّرُ من أن نصابَ بحالةٍ من النشوة والغرور، بحيثُ نعتقدُ بأنَّ قتلَ المهندس سيضعُ حداً للعمليات المسلحة والعبواتِ الناسفة والعملياتِ الانتحارية”.

وأضاف الجنرال بيري أن عملية الاغتيال :”لن تكونَ الضربةَ القاضية ولا نهايةَ المطافِ للهجماتِ الانتحارية التي أبدَعَ المهندسُ في شقِّ طريقِهَا. وتركَ وراءَهُ العشراتِ من تلاميذِه الذين لا يقلونَ كفاءةً وقدرةً عنه في مواصلةِ الطريق”.

واختتم بيري تحذيره: “إنَّ كفاءةَ وأهليةَ المهندس تمثَّلت بالأساس في خبرَتِهِ ومعرفتِهِ المدهشة والواسعة في مجالِ إعدادِ القنابلِ المفخخة، سواءً بواسطةِ سياراتٍ مفخخة أو عبوات جسمية بشرية. بالإضافةِ إلى مقدرَتِهِ العالية على الإفلاتِ من عملياتِ المطاردة، والتملُّصِ من ملاحقةٍ دوريةٍ ومستمرةٍ لهُ من جانبِ جهازِ المخابراتِ العامة وأجهزةِ الأمنِ الإسرائيليةِ الأخرى. كانَ عياش أخطرَ المطلوبين الفلسطينيين لأجهزةِ الأمن الإسرائيلية التي بذلت جهوداً مضنية من أجلِ إلقاء القبضِ عليه خلالَ السنواتِ الأخيرة. وإنَّ زوالَ المهندس وضعَ حداً لأخطرِ وأعنفِ المحاربين الذينَ عرفناهم”.

عياش مع والديه

إقرأ! .. والخلل

قياسي

كما الحدائقُ الغنَّاء تشفي النفسَ وتنعشُ الروح، فإنَّ الكتبَ تغني الفكر وتلهِمُ العقل، وما المكتباتُ إلا رياضُ العلمِ والثقافة، وأما معارضُ الكتب فمواسمُ فكريةٍ تقيمُ في عواصمنا مهرجاناتِ العلمِ والأدبِ والقيم، وتحملُ إلينا في كل عامٍ دررها.

لكن مهلاً! هل هناكَ مِنْ خَطب؟!

إن عَرَفنَا أنَّ ما تنتجهُ الدولُ العربية من الكتب وعددُ سكانها ثلاثمائةِ مليون، يعادلُ ما ينتجهُ الكيان الصهوني من الكتب وعددهم خمسةُ ملايين نسمة، أدركنا خطورةَ تقصيرنا في إنتاجِ الكتب.

يشيرُ أحدُ الباحثين إلى أنَّ “كل ثلاثة آلاف ومئتي عربي يقرؤون كتاباً واحداً في السنة، في حين متوسط ما يقرؤه الأوروبي هو خمسة وثلاثون كتاباً في السنة، ويقرأ الصهيوني ما متوسطه أربعون كتاباً في السنة، أما الشاب الهندي فإنه يقرأ ما يقارب عشر ساعات أسبوعياً.”

وعن مكتبةِ الطفل، توضحُ اليونسكو أن “الوقت المخصص للقراءة الحرة عند الطفل العربي هو ست دقائق في العام فقط. أما حجم الكتب المخصصة للطفل العربي فهي 400 كتاب في العام، مقابل 13260 كتاب في السنة للطفل الأمريكي، و 3838 للطفل البريطاني، و2118 للطفل الفرنسي، و1485 للطفل الروسي.”

وإحصائياتٌ كثيرة تبينُ تقصيرَ وتأخُرَ العرب في القراءة وإصدارِ الكتب. فأينَ الخلل؟

هل قلةُ إنتاجِ الكتبِ العربية عامة، والجيدةِ منها خاصة، هو ما يسببُ ضعفَ القراءة؟ أم أنَّ العكسَ هو الصحيح؟

قد يقولُ قائل إنَّ العربي بالكادِ يستطيعُ أن يؤمِّنَ قوتَ يومِهِ وعياله، فكيفَ سيشتري كتباً؟! لكن أليس معظمُ ميسوري العرب يفضلونَ شراءَ كمالياتٍ تفرضها تقاليدُ واعتباراتٌ اجتماعية، جعلت منها أولى من كتبِ العلمِ والثقافة؟!

أليسَ باستطاعتنا تغييرَ المفاهيمِ والعاداتِ كي ننهضَ بأمتنا، كأن نجعلَ من الكتابِ أحبَّ هديةٍ إلينا؟! وأن نتنافسَ بالقراءة ونعقد النوادي الثقافية لمناقشة الكتبِ ونقدها؟!

وإن نظرنا إلى نوعيةِ الكتب، شكلاً ومضموناً، فهل هي تليقُ بأمةِ العربية؟! أليسَ الكتَّابُ المتمكنونَ من العربية وفصاحتها وبلاغتها يقلون عدداً عن غيرهم؟

عندما أقارنُ بين الكتبِ العربية والكتبِ الغربية، ألحظُ فرقاً كبيراً بين اتقانِ الغربيين لغتَهُم ومراعاتِهِم أحكامَها، فيخرِجون كتباً تعرِضُ لغتَهم وثقافتَهم بأفضلِ صورها، وبين كتبٍ عربيةٍ تكادُ تكونُ لغتَها كلغةِ الجرائد، أو أسوأ. هل تُعطى الفرصُ حقاً للمبدعينَ والكتَّابِ الحقيقيين، أم أنَّ الفسادَ المستشري بالبلادِ العربية يدخلُ أيضاً صناعةَ الكتب ليجعلَ مِن فقيرِ اللغةِ والأدب، أو منحرفَ المفاهيمِ والقيم، في صدارةِ الكتَّابِ والمؤلفين!

وإنَّ ما يثيرُ الدهشة، أن الغربيينَ يستندونَ في المحافظةِ على لغاتهم على مراجعَ لغويةٍ وأدبيةٍ من تاريخهم وتراثِهم فقط، بينما لدينا نحنُ بينَ أيدينا أفضلُ مرجعٍ لا تَحظى به أية أمةٍ أخرى، وهو ما يمثِّلُ لنا رافعةً دائمة للغتنا إن أعطيناه حقه ألا وهو كلامُ الله المبين. وفي كتبِ الحديثِ والسيرةِ والفقه كذلك ما يعيدُنا دوماً لأصلِ اللغة ويقوِّمُ لساننا.

وسوفَ نحتاجُ لبحثِ كُلِّ هذه النقاط ووضعِ حلولٍ لها وخُطط. وقد يكونُ أيسرُها أن نبدأ على الصعيدِ الشخصي بوضعِ برنامجٍ زمني يُلزمنا بقراءةِ المهمِّ والمفيد. ويمكننا أن نتعرَّفَ على آخر إصداراتِ الكُتُبِ وأهمِّها من خلالِ زياراتٍ دوريةٍ لدورِ النشر، ومن معارضِ الكُتُب حيثُ تجتمع دورُ النشرِ في مكانٍ واحد، فتمثِّلُ لنا فرصةً ذهبية لاقتناءِ ما نحبُّ من الكتب والمؤلفات. كان آخرُ هذه المعارض معرض الكويت الدولي للكتاب (من 21-11-2012 وحتى 1-12-2012). وهذه صورٌ من المعرض نفسه، لقسم دارِ الفكر من سوريا، دمشق. وكانت ضمنَ كتبِ الأطفالِ سلسلتي القصصية “كتيبة استطلاع في أرض الأنبياء“.

إقرأ! كان الوحي الأول. وبالقراءة تُبنى الأممُ وتسود.

20121201_184429

20121201_184434

20121201_184138

20121201_184145

20121201_184452

وسامُ فلسطين.. في ذكرى النكسة

قياسي

الشهيد وسام خالد سعدية

وسام ذو الخمسةَ عشرَ ربيعاً. حصلَ على الشهادةِ الإعدادية، وبقيَ يحلُم.. بالشهادةِ الأخرى. عندما سمعَ عن نيةِ الرفاقِ الزحفَ نحوَ الجولان.. نحوَ فلسطين. رآها نصبَ عينيه.. فإما فلسطين.. وإما الجنة. طلبَ من والدتِهِ نقوداً وقالَ لها إنه يريدُ أن يشتريَ عطراً هديةً لصهره، أعطتهُ أمهُ ما يريد. وفي الخامسِ من حزيران انطلقَ مع رفاقِهِ إلى الجولان. وصلَ إلى الزمانِ والمكان. رآهم من بعيد، يحجبونَ عنه فلسطين ، رماهم بالحجارة على قدرِ كرهِهِ لهم، جنودٌ أوباش.. مزَّقَ الأسلاكَ الشائكة.. كأنَّه يراها الآن، صممَ أن يطأها للمرةِ الأولى..

أحسَّ بها تدخلُ كتفَه، كانت كالصَّاعقة.. ارتمى على الأرض.. حملهُ الأصحابُ للمستشفى الميداني، انتزعَ الطبيبُ رصاصتهم من كتفه، وضمَّدَ جرحَه.. هتفتْ أمه إلى جواله، “أنا بخير يا أمي.. عد للبيت يا ولدي..” وكيفَ يعودُ ولما يطأهَا بعد، وما تزالُ تناديه، أمه الأولى. قررَ أن يبرَّها أولاً.. عادَ إلى الجولان، مجروحَ الكتف، مضمدَ الجراح.. تذكرَ حكايا جدِّه، ووصيَّةَ جدتِه، “لا تنسى فلسطين، هم يراهنونَ على نسيانِ الصغار.. إياكَ أن تنساها! هذا مفتاحُ بيتنا، ستعودُ إليه أنتَ وأخواتُك وأبناءُ عمك إن لم نستطع نحن”.. وكيفَ ينساها، ولا يهدأُ ذكرُها في عقله وقلبه! اشتد عزمُهُ على المضيِّ إليها.. كانوا ما يزالونَ هناك، مدججينَ بأسلحتهم.. “ألم أقتلكَ قبل قليل؟!! كيفَ عدت!!” ظنَّ الصهيوني أنْ رأى شبحاً.. نظرَ الشهيدُ الحي بعينيهِ وتقدَّم، لم يخافَه، فكيفَ يخافُ من عينينِ فزعتين!

إنها على بُعدِ خطوتين، فكانت الخطوة، وكانت الثانية، وها قد وطأها! وصلَ إليها أخيراً، يا الله ما أجملها! إنها كما يصفُ الأجداد، بل أجمل وأجمل وأجمل..  إنها .. الجنة!

استشهدُ من فوره بعد أن اخترقت رصاصةُ الصهاينة رأسَه. هتفتْ أمه. هذه المرة أجابَ صديقه “استشهد وسام.. يا أمي”. احتسبت أم وسام عند الله وحيدها! ثلاثةٌ أيامٍ ولم يغادرِ القرآنُ الكريمُ مسامِعَنَا، لم أستطع مرافقةَ جارتِنا لتهنئةِ أمِّ الشهيد، فذهبتْ وحدها. ما أعظم أن تهنئ أمُّ الشهيد أمَّ الشهيد! ما تزالُ الصورةُ الكبيرة لابنِ جيراننا ابنِ مخيم اليرموك في دمشق “وسام خالد سعدية” معلقةً على شرفةِ منزله، وما أزالُ أرمي عليه السلام كلما مررتُ أمامَ بيته.

 في 5-6-2011 كانت ذكرى النكسة، وكان الموعد مع فلسطين. توجه الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني المقيم في سوريا، من كل المدن والمخيمات إلى الجولان السوري المحتل، محطماً الأسلاك الشائكة وأعواماً كثير من نكبته ونكسته، يقرع رؤوس الصهاينة بالحجارة، مذكراً إياهم: إنا لن ننسى، ولن نبقى لاجئين، إنا عائدون عائدون..

 استشهد يومها 23 فلسطينياً، وجرح 361 برصاص الصهاينة، وأصيب آخرون بالغاز المسيل للدموع. عولج المرضى في مستشفى القنيطرة ومشافي دمشق، وكان من الشهداء: إبراهيم أحمد عيسى، أحمد محمود سعيد، أحمد ياسين رزق، عزت مسودة، إيناس شريتح، ثائر حميد، جهاد أحمد عوض، رمزي سعيد، زكريا أبو الحسن، سعيد الزعبي، سعيد حسن الأحمد، شادي حسن، عبد الرحمن جريدة، علاء حسين الوحش، علاء عواد، عماد الحجي، فادي ماجد نهار، فايز عباس، مجدي زيدان، محمد عيسى، محمود صوان، وسيم دوا، ووسام خالد سعدية. رحمهم الله جميعاً.

 فيديو تشييع الشهيد وسام في مسقط رأسه مخيم اليرموك

يومٌ زائد

قياسي

29 Feb

إحساسٌ غريب انتابني اليوم.. التاسع والعشرين من شباط..

لا يأتي هذا اليوم إلا مرةً واحدة كل أربعة أعوام.. هو يومٌ إضافيٌ إذن.. يومٌ زائد..

شعرتُ تماماً كما أشعر عندما نقوم بإرجاع عقارب الساعة للوراء عند التحول للتوقيت الشتوي فنكسب ساعة كاملة، لكن هذه الزيادة غير حقيقية إذ ما نلبث أن نخسرها عند التحول للتوقيت الصيفي.. أما اليوم فلدينا أربعاً وعشرين ساعة كاملة وهي زيادة حقيقية لن نخسرها فيما بعد..

رحتُ أفكر منذ الصباح، كيف أمضي يومي الزائد هذا، إذ لابد أن أستفيد من كل دقيقة وأستغلها في عملِ أمرٍ نافع مفيد.. ضبطت الساعة ووزعت المهام على مدار اليوم، فوقتٌ لأعمالِ المنزل، ووقتٌ للقراءة ووقتٌ للكتابة، ووقتٌ لمتابعة الأخبار، وأوقاتٌ للصلاة وتلاوة القرآن والدعاء.. ناقشت مع أخي أفكاراً لمشاريع مستقبلية، وتعلمت من جارتي وصديقتي آية إعداد طبق الدجاج على طريقتها، وقرأت جزءً من القرآن الكريم بالإضافة إلى عدة مقالات من الانترنت، وتسعين صفحة من كاتب “تكوين المفكر” للدكتور عبد الكريم بكار.. خصصت أوقاتاً كذلك للاتصال ببعض الصديقات والأقارب للاطمئنان عليهم، ورتبت بعض الملفات على الكمبيوتر المحمول، وتعملت بعض الإجراءات التقنية المتعلقة بحساباتي على الانترنت.. وقمت بأمور أخرى..

أحسست أن اليوم طويلٌ ومليءٌ.. وشعرت بالرضى.. كم أفادني ضبط الوقت اليوم! خاصةً أن أوقات الصلاة تقسم اليوم بطريقة طبيعية إلى أجزاء خمسة، وما فعلته هو تنظيم أكثر لهذه الأوقات وتوزيع المهام التي علي أن أقوم بها عليها.. لكني أدركت في النهاية أني لو اعتبرت كل يوم يوماً زائداً وقمت بتنظيم وقتي بهذه الطريقة لاستفدت أكثر وأنجزت أكثر وأكثر..

وفي نهاية اليوم.. لم أجد موضوعاً  أكتب عنه أفضل من الحديث عن يومي الزائد هذا..

Mixture of Cultures; a letter to a friend

قياسي

coin minted in 41 BC, Antony and Cleopatra

..Dear friend

When thoughts keep roaming in the mind, they just insist to be transformed into words which, after all, hold each others’ hands to make many phrases and sentences. And of course, these sentences won’t feel satisfied unless they settle down in “Microsoft Word”. And after being one coherent article they choose to fly to the one that will understand them the most… I know this sounds silly.. But believe me, sometimes, I feel these words and sentences are really in charge.. They just want to come out, be listened to and understood… Let alone that having someone who can understand you more than anyone else, has the power to provoke your mind and heart to express yourself more and to share your thoughts more and more…  As for why you are the one who can understand these words and sentences the best, then this is another long story…

While studying literature, you come across different fields of human sciences; language, history, religions, philosophy, psychology, etc.. In fact, psychologists borrow characters from literature and depend on them to prove their theories.. Unlike many of my colleagues, I really enjoyed studying English literature and also I learnt a lot from it. I learnt not only what has to do with language and mere information about literature, but also I learnt about the nature of the human being..

When a piece of literature is considered universal this means that the kind of psychology and character it holds can be found anywhere. For example, human feeling such as sadness, happiness, jealousy, envy, etc, can be found any place in the world.. However, we can’t ignore the specialty of English literature. It’s studying English language, the history of England, English habits, culture, religion and great personalities, etc (and American literature too). I can say that all what I read, knew and studied affected my personality in a way or another.

One term you find in literature is “identification”. When you read a novel or a play, you choose, subconsciously, the closest character to your personality and you identify yourself with it.. It’s when you feel as if this character is talking about you. So you sympathize with it…

I consider “Antony and Cleopatra”, the famous Shakespearian play, to be his best. It’s a very rich play with endless themes… Though it’s a tragedy tells the true story of Antony and Cleopatra, yet it contains lots of comedy, romance and history.  After the tragic death of Julius Caesar, the Roman Empire was divided. Antony was the great Romanian leader who was sent to the east to run the Romanian colonies and among them Egypt. Cleopatra was the charming Egyptian queen whom Antony fell in love with..

From the Romanian point of view, Antony was a Roman emperor who lost his empire for an immoral relationship with a woman who doesn’t deserve losing one’s Roman empire, identity and responsibilities for. Now, Shakespeare tried to show that there could be another point of view not discussed in the books of history; the story that Cleopatra wasn’t allowed to tell..

In Egypt, Antony used to mix between the people to learn about them. They taught him the values of humanity and love which were lacking in the world of Rome. Mixing with Alexandrians was an attempt by Antony to bridge the gap between the two cultures.. In Egypt, he turned totally Egyptian and was hailed as the best man, while in Rome he was always condemned.. Though the Roman Empire was pagan at the time, but Antony and Cleopatra were condemned on  many grounds; politically (he lost his identity and empire for a woman), socially (he was married in Rome) and morally (they had sexual relationship with no marriage). Later on it was condemned religiously.

On the other hand, Cleopatra was the Egyptians’ queen and goddess. For them, he is her husband, and everything she does is legal and legitimate.. Every time he is in Rome, Antony promises that he will never go back to this woman. But the moment he is in Egypt, he forgets all about Rome.. It wasn’t only Cleopatra, but also the whole exotic world of Egypt fascinated him..

It’s Antony’s mixture of two cultures that made me, to a certain extent, identify myself with him.. It’s the fact that I hold an Islamic eastern culture along with a western one that forced me to sympathize with him.. It’s a mixture of our lovely Islamic culture and of the best of the eastern and the western cultures. And because I do feel that you share me this mixture of cultures, I see you as the one who can understand my words and sentences the best…

Have great times…

                                                                            Damascus

Ban Abdullah